لقد انقسم الباحثون من علماء اللغة إزاء نسبة النحت إلى الاشتقاق، إلى أربعة فرقاء:
الفريق الأول: ويرى "أنّ مراعاة معنى الاشتقاق (…) جعل النحت نوعاً منه: ففي كلّ منهما توليد شيء من شيء، وفي كل منهما فرع وأصل، ولا يتمثّل الفرق بينهما إلاّ في اشتقاق كلمة من كلمتين أو أكثر على طريقة النحت واشتقاق كلمة من كلمة في قياس
التصريف ( دراسات في فقه اللغة: د. صبحي الصالح، ص243-244 )
الفريق الثاني: ويذهب إلى أنّ النحت غريب عن نظام اللغة العربية الاشتقاقي. لذلك لا يصحّ أن يعد قسماً من الاشتقاق فيها. وحجّته أن لغويّينا المتقدّمين لم يعتبروه من ضروب الاشتقاق، وأنه يكون في نزع كلمة من كلمتين أو أكثر، بينما يكون الاشتقاق في نزع كلمة من كلمة. زد على ذلك أنّ غاية الاشتقاق استحضار معنى جديد، أما غاية النحت فالاختصار ليس إلاّ
( الاشتقاق: للدكتور فؤاد ترزى، ص363. وراجع: فقه اللغة وخصائص العربية: لمحمد المبارك، ص148، 149 . وفقه اللغة العربية وخصائصها: للدكتور أميل يعقوب، ص 209 وهامشها)
الفريق الثالث: ويمثله الشيخ عبد القادر المغربي. وقد توسط بين الفريقين السابقين: فاعتبر النحت "من قبيل الاشتقاق وليس اشتقاقا بالفعل، لأن الاشتقاق أن تنـزع كلمة من كلمة. والنحت أن تنـزع كلمة من كلمتين أو أكثر، وتسمى تلك الكلمة المنـزوعة منحوته" الاشتقاق والتعريب: للشيخ عبد القادر المغربي، ص13.
الفريق الرابع: وقد انفرد به العلامة محمود شكري الألوسي. وقد أدرج النحت في باب الاشتقاق الأكبر.
فيقول: "و (النحت) بأنواعه، من قسم (الاشتقاق الأكبر)" كتاب النحت وبيان حقيقته ونبذة من قواعده: للعلامة السيد محمود شكري الألوسي، تحقيق وشرح محمد بهجة الأثري، ص 39، ط. المجمع العلمي العراقي، سنة 1409هـ.
وعنده أن الاشتقاق الأكبر هو: "أن يؤخذ لفظ من لفظ، من غير أن تعتبر جميع الحروف الأصول للمأخوذ منه، ولا الترتيب فيها، بل يكتفى بمناسبة الحروف في المخرج، ومثلوه بمثل: نعق، من النهق، والحوقلة من جملة: لاحول ولا قوة إلا بالله، للدلالة على التلفظ بها" المصدر السابق: ص38.
أقول: وما ذكره العلامة الألوسي -سلفا-، أعتبره خلطا غير مُرْضٍ، إذ النحت يتميز عن الاشتقاق الأكبر بتوليد جديد له بعض خواص الاشتقاق.
هذا، وإنني أعتبر النحت من قبيل الاشتقاق وليس اشتقاقا بالفعل -كما قال الشيخ المغربي-، من حيث أن عنصر التوليد فيه ظاهر، والذي عليه مدار الاشتقاق وبينهما اختلاف غير يسير..
من بحث ( النحت في اللغة العربية ) للدكتور محمد السيد علي بلاسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق